تهديد لرئة الأرض.. تغيّر المناخ يهدد غابات نصف الكرة الأرضية الشمالي

 


تهديد لرئة الأرض.. تغيّر المناخ يهدد غابات نصف الكرة الشمالي

تواجه الغابات الواقعة في نصف الكرة الأرضية الشمالي — من كندا وروسيا إلى الدول الإسكندنافية — خطرًا متزايدًا بسبب تغيّر المناخ، الذي يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، وجفاف التربة، وتكرار موجات الحر والحرائق بشكل غير مسبوق.

هذه الغابات، التي تُعد من أكبر مخازن الكربون في العالم، تلعب دورًا أساسيًا في تنظيم المناخ العالمي من خلال امتصاص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون. إلا أن ارتفاع الحرارة جعلها أكثر هشاشة أمام الحرائق، والآفات، والعواصف، والجفاف الطويل.

وفقًا لدراسات علمية حديثة، بدأت بعض هذه الغابات تتحول من مصدر لامتصاص الكربون إلى مصدر لانبعاثه، خصوصًا في سيبيريا وألاسكا، حيث تؤدي الحرائق الضخمة إلى إطلاق ملايين الأطنان من الكربون في الجو، ما يسرّع دورة الاحتباس الحراري.

ويحذر الخبراء من أن استمرار هذا الاتجاه سيؤدي إلى تغيرات لا يمكن عكسها في النظام البيئي العالمي، وقد يعرّض التنوع الحيوي في الغابات الشمالية إلى خطر الانقراض التدريجي.

🔹 الحل؟
يتطلب الموقف تحركًا عالميًا عاجلًا لتقليل الانبعاثات، واستعادة الغابات المتضررة، وتعزيز برامج الوقاية من الحرائق، إلى جانب الاستثمار في تقنيات الزراعة والغابات المستدامة.

ظاهرة مقلقة تتسارع بصمت

تُعتبر الغابات الواقعة في نصف الكرة الأرضية الشمالي — الممتدة من كندا والولايات المتحدة مرورًا بأوروبا وصولًا إلى روسيا — من أهم النظم البيئية على الكوكب. فهي تمتص نحو 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن النشاط البشري، ما يجعلها تُلقب بـ«رئة الأرض».
لكن هذه الرئة بدأت تختنق تدريجيًا تحت وطأة تغير المناخ.

خلال العقدين الأخيرين، ارتفعت درجات الحرارة في المناطق الشمالية بوتيرة تفوق المتوسط العالمي بمرتين تقريبًا. ونتيجة لذلك، بدأت أنماط الطقس تتغير بشكل حاد، ما أدى إلى زيادة موجات الجفاف الطويلة، وحرائق الغابات، وانتشار الحشرات الضارة مثل خنافس اللحاء التي تفتك بالأشجار الضعيفة.


🔥 حرائق الغابات.. نار تلتهم المستقبل

في صيف السنوات الأخيرة، شهدت كندا وروسيا حرائق غير مسبوقة من حيث المساحة والحدة.
ففي عام 2023 وحده، التهمت النيران أكثر من 18 مليون هكتار من الغابات الكندية، ما جعلها أسوأ موسم حرائق في التاريخ الحديث.
النتيجة؟ تصاعد كميات ضخمة من الكربون إلى الجو — تعادل تقريبًا الانبعاثات السنوية لدول صناعية كبرى — مما حول الغابات من مصارف للكربون إلى مصادر له.


🌱 توازن بيئي على وشك الانهيار

الغابات الشمالية ليست مجرد أشجار، بل هي موطن لملايين الأنواع الحيوانية والنباتية، إضافةً إلى كونها تنظم دورات المياه وتثبت التربة وتحافظ على المناخ المحلي.
ومع استمرار الاحترار العالمي، بدأت بعض الأنواع تفقد قدرتها على التكيّف.
في سيبيريا مثلًا، يؤدي ذوبان الجليد السرمدي (permafrost) إلى تحرير غازات الدفيئة المخزّنة منذ آلاف السنين، مثل الميثان، مما يسرّع وتيرة الاحترار بشكل حلزوني خطير.


🧭 ما الحل؟ طريق النجاة ما زال ممكنًا

رغم الصورة القاتمة، يؤكد العلماء أن الأمل لم ينته بعد. فالإجراءات التالية قد تُحدث فرقًا حقيقيًا:

  1. 🌳 تعزيز برامج إعادة التشجير باستخدام أنواع مقاومة للجفاف والحرارة.

  2. 🔥 تطوير أنظمة رصد مبكر للحرائق واستخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بها والحد من انتشارها.

  3. ♻️ خفض الانبعاثات الصناعية والنقل عبر تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة.

  4. 🤝 تعاون دولي لحماية الغابات العابرة للحدود وتبادل الخبرات في الإدارة المستدامة.

  5. 🧪 الاستثمار في البحث العلمي لفهم التغيرات البيئية بشكل أعمق واستباق آثارها.


🌎 كلمة أخيرة

غابات نصف الكرة الشمالي ليست مجرد منظر طبيعي خلاب، بل هي الدرع الواقي للحياة على الأرض. وإذا لم يتكاتف العالم لحمايتها اليوم، فقد نخسر غدًا أحد أهم عناصر توازن كوكبنا.

إرسال تعليق

أحدث أقدم